رغم أن اليابان تعد إلى الآن أحد أكبر 5 اقتصادات في العالم، إلا أن بلاد الساموراي تعاني أزمة صعوبة في تحقيق معدلات نمو مستقرة لفترات طويلة منذ أكثر من 20 عامًا متصلة، يأتي هذا في ظل إصرار البنك المركزي الياباني على اتباع سياسة "الفائدة السالبة" والتدخل بشكل كبير في الاقتصاد والاستمرار في شراء السندات الحكومية وأحيانًا الأسهم.
الفائدة السالبة التي طبقها بنك الدنمارك المركزي في عام 2012، ولحقه "الأوروبي" في 2014، والسويسري والسويدي على التوالي في 2015، أعلن المركزي الياباني الاستمرار في فرضها لتكون طوكيو العاصمة الوحيدة التي تطبق سعر فائدة سالب حاليًا حول العالم.
البنوك المركزية التي استهدفت من تلك السياسة التصدي للانخفاض الكبير في سعر "الفائدة الحقيقي" -الذي تصبح عنده السياسة النقدية في منطقة وسط بين الانكماش والنمو- أرادت رفع معدلات التضخم مع أسعار فائدة قاربت على الصفر.
بعد التوقف عن تطبيق هذه السياسة المثيرة للجدل لفترة من الزمن، أعادت جائحة "كوفيد-19" في 2020 أسعار "الفائدة السالبة" إلى الواجهة مجددًا، في بيئة خضعت فيها الكثير من البنوك المركزية لقيود عدة.
ورغم هذا أدت سياسات "الفائدة السالبة" إلى تيسير الأوضاع المالية، كما دعمت النمو والتضخم في بعض الأحيان، لكن سياسات "الفائدة السالبة" لا تزال خلافية من المنظور السياسي، وهو ما يرجع جزئيًا إلى إساءة فهمها وتفسيرها في أوقات كثيرة.
ما هي الفائدة السالبة؟
تشير سياسة أسعار "الفائدة السالبة" (NIRP) إلى أنّ البنك المركزي يفرض رسومًا على البنوك التجارية مقابل الاحتفاظ باحتياطيات فائضة لتشجيع البنوك على الإقراض وتخزين كميات أقل من النقد، أو بعبارة أخرى في ظل سعر فائدة سلبي، سيكون الاحتفاظ بالنقود باهظ التكلفة، وبالتالي تشجيع الأفراد على الإنفاق والاستهلاك ما يؤدي إلى ارتفاع معدل التضخم.
كما يمكن تعريف "الفائدة السالبة" كأحد حلول أزمات الركود الاقتصادي، حيث إن العديد من الأفراد والشركات والمؤسسات المالية يسارعون لحفظ أموالهم بدلًا من استثمارها وإنفاقها.
وفي مثل هذه الحالات تمتنع البنوك عن حفظ أموال الأفراد والشركات، وفي إطار دورها في تشجيع زيادة الاستهلاك والإنفاق، تقدم البنوك قروضًا مقابل الحصول على نسبة من الفائدة بدلًا من حفظ الأموال ودفع نسبة من الفائدة.
ومن خلال هذه السياسة، تضمن البنوك الحفاظ على مستويات عرض النقود في الأسواق بدلًا من تخزيها، إضافة إلى فتح العديد من المشروعات الجديدة، وبهذا تحقق أهداف تنشيط الاقتصاد الكلي، دون التعرض لأي مخاطر مالية أو خسارة.