الرياض – بنوك مباشر: واصل القطاع الخاص غير المنتج للنفط في المملكة تسجيل تحسن قوي في ظروف الأعمال خلال شهر مايو/ أيار 2023، حيث أدى ارتفاع الطلب في السوق إلى زيادة حادة أخرى في النشاط الاقتصادي، وفقاً لأحدث البيانات الصادرة عن مؤشر بنك الرياض لمديري المشتريات "PMI".
ولفت مؤشر بنك الرياض لمدراء المشتريات، الصادر اليوم الاثنين، إلى أن قوة الطلب أكدت على استمرار ارتفاع الإنتاج والتوظيف والمشتريات، مع ارتفاع مستويات الموظفين بأسرع معدل مكرر منذ شهر يناير/ كانون الثاني 2018، ومع ذلك، أدت الموجة الأخيرة من ضغوط الأجور القوية إلى ارتفاع أسعار إنتاج الشركات بشكل حاد في مايو/ أيار الماضي، حيث تسارعت وتيرة التضخم إلى أعلى مستوياتها منذ ما يقرب من 3 سنوات.
وانخفض مؤشر مديري المشتريات الرئيسي من 59.6 نقطة في شهر أبريل/ نيسان 2023 إلى 58.5 في شهر مايو/ أيار الماضي، حيث شهد أكبر مكونان في المؤشر (الطلبات الجديدة والإنتاج) هبوطاً، ومع ذلك، ظل المؤشر أعلى بكثير من حد النمو البالغ 50.0 نقطة وكان أعلى من متوسطه على المدى الطويل البالغ 56.9 نقطة.
وتمثل القراءة الرئيسية لمؤشر بنك الرياض لمديري المشتريات، المعدل موسميا، متوسط 5 مؤشرات هي الطلبات الجديدة 30%، والإنتاج 25% والتوظيف 20% ومواعيد تسليم الموردين 15%، ومخزون المشتريات 10%.
ويتم عكس مؤشر مواعيد تسليم الموردين بحيث يتحرك في اتجاه مماثل للمؤشرات الأخرى.
وواصلت تدفقات الطلبات الجديدة الواردة إلى شركات القطاع الخاص غير المنتج للنفط في الارتفاع بشكل كبير في شهر مايو/ أيار، بعد أن تسارع النمو إلى أعلى مستوياته فيما يزيد قليلاً عن ثماني سنوات ونصف في شهر أبريل/ نيسان.
وبحسب نتائج المؤشر والدراسة الصادرة عن بنك الرياض، تباطأ معدل التوسع بشكل طفيف على الرغم من الارتفاع المتجدد في المبيعات من العملاء الأجانب، وربطت الشركات المشاركة في الدراسة بشكل متكرر بين تزايد الطلبات الجديدة وتحسن الظروف الاقتصادية، فضلا عن زيادة السفر والسياحة وزيادة الاستثمار في الأعمال التجارية.
وكان نمو التوظيف قويا نسبيا حيث ارتفع معدل خلق الوظائف إلى أسرع معدل مكرر منذ بداية عام 2018، ومع ذلك ذكرت بعض الشركات أنها اضطرت إلى زيادة رواتبها بسبب نقص العمالة وارتفاع تكاليف المعيشة، مما أدى إلى استمرار زيادة نفقات التوظيف والتي كانت ثاني أسرع زيادة منذ شهر سبتمبر/ أيلول 2016.
وأدى الارتفاع في الأجور جزئيا إلى ارتفاع حاد في متوسط تكاليف مستلزمات الإنتاج، مما أدى إلى قيام نسبة أكبر من الشركات برفع أسعار إنتاجها، وكان معدل تضخم أسعار الإنتاج هو الأعلى منذ شهر أغسطس/ آب 2020، حيث رفعت شركات الخدمات والتصنيع أسعارها بأسرع معدلات.
وسمحت مستويات التوظيف والنشاط المرتفعة للشركات بإنجاز الأعمال المتراكمة بوتيرة أسرع خلال شهر مايو/ أيار، وانخفض حجم الأعمال غير المنجزة بأكبر معدل منذ شهر نوفمبر/ تشرين الثاني من العام الماضي.
وبحسب الدراسة، ظلت توقعات الشركات في المملكة إيجابية في شهر مايو/ أيار، حيث توقعت الشركات تحسنا في ظروف السوق وتسجيل مبيعات قوية وأن تكون السياسات الاقتصادية الحكومية داعمة لآفاق النمو، ومع ذلك فإن المنافسة المتزايدة جعلت ثقة الشركات أقل مما كانت عليه في شهر أبريل/ نيسان، حيث انخفضت إلى أدنى مستوى لها في عام واحد بالضبط.
ومن جانبه، قال نايف الغيث، كبير الباحثين الاقتصاديين في بنك الرياض، إنه من المرجح نمو الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي بشكل ملحوظ في الربع الثاني من هذا العام؛ مدفوعا بأداء استثنائي للقطاع الخاص.
وأضاف الغيث، أن مؤشر بنك الرياض لمديري المشتريات سلط الضوء خلال شهر مايو/ أيار على استمرار قدرة قطاع الأعمال المحلي على التعامل بمرونة في مواجهة عدد من الظروف المعاكسة، بما في ذلك السياسة النقدية الانكماشية الأكثر صعوبة وتحديات نقص السيولة وتقلبات أسعار الطاقة.
ونوه الغيث، بأنه في حين أن تباطؤ الاقتصاد بشكل عام واستمرار ارتفاع أسعار الفائدة سيخلق بيئة صعبة لبعض المؤسسات، فإن معظم الشركات السعودية في حالة جيدة وتشهد ظروف عمل قوية.
وتابع: وبشكل عام، تظهر نتائج شهر مايو/ أيار تراجعا طفيفا عن نتائج شهر أبريل/ نيسان القوية، ولكن لا يزال النشاط الاقتصادي الكلي يحقق أداء جيدا مع دخول أشهر الصيف".
ولفت كبير الباحثين الاقتصاديين في بنك الرياض، إلى أن الطلبات الجديدة شهدت نموا بشكل كبير، مما يعكس زيادة قوية في معدلات الطلب، لا سيما في الأنشطة السياحية وقطاع الإنشاءات.
وأردف: "وقد أدى ذلك إلى أسرع معدل لخلق الوظائف منذ عام 2018، مما سمح للشركات بإنجاز الأعمال المتراكمة بوتيرة أسرع هذا الشهر. وأدى ارتفاع مستويات التوظيف والنشاط إلى زيادة الأجور بثاني أسرع وتيرة في 7 سنوات، مما أدى إلى ارتفاع مستمر في أسعار المبيعات للمستهلكين".
ونوه الغيث، بأنه علاوة على ذلك، فإن من التطورات الإيجابية أن الصادرات عادت إلى التوسع وسجلت مستوى أعلى من المتوسط بعد تراجع طفيف في الشهر السابق.
وبالنسبة لتوقعات الشركات للأشهر الـ 12 المقبلة، قال الغيث، إنها تراجعت بشكل طفيف لكنها لا تزال تشير إلى التفاؤل بشأن الإنتاج المستقبلي، لافتا إلى أن الحكومة تواصل تنفيذ سياسات التنويع الاقتصادي على نطاق واسع وتسريع تطوير المشاريع الضخمة؛ بهدف تعزيز القطاع الخاص – المحرك الأساسي في خلق فرص العمل.
وأنهى اغيث تعليقه قائلا: "لذلك فنحن على ثقة من أن القطاع غير النفطي سيلعب دورا محوريا في دفع النمو هذا العام، مدعوما بزيادة الاستثمارات وقوة الطلب".