في أصعب فترات مصر الاقتصادية ما بين الإصلاح والأزمات عقب ثورتين، تولى طارق عامر قيادة السياسة النقدية بالبلاد بدءًا من خطة الإصلاح الاقتصادي حتى آثار التداعيات الاقتصادية العالمية التي سببتها الحرب الروسية الأوكرانية ومن قبلها تفشي جائحة فيروس كورونا المستجد
تولى عامر منصبه محافظًا للبنك المركزي المصري في نوفمبر 2015 خلفًا للمحافظ السابق هشام رامز الذي تقدم باستقالته، وقضى عامر قرابة 7 أعوام على فترتين، كانت ستنتهي ثانيها في نوفمبر 2023، إلى أن استقالته المفاجئة سارعت فى إنهاء حقبته بالمنصب الرفيع
وحصل عامر على بكالوريوس الاقتصاد والإدارة من الجامعة الأمريكية بالقاهرة، وخلال مسيرته تولى رئاسة مجلس البنك الأهلي المصري منذ عام 2008 وحتى تقديم استقالته في 2013، كما شغل منصب نائب محافظ البنك المركزي إبان فترة فاروق العقدة
بعد عام من توليه منصبه اتخذت القيادة السياسية أهم قرار اقتصادي في سياسة مصر النقدية بتحرير سعر الصرف أو ما أطلق عليه "التعويم" في نوفمبر 2016، واجه عامر تحديًا كبيرًا أصر على المضي قدما في تنفيذه قائلا:"لا تراجع عن التعويم" مستهدفا من سياسته تلك زيادة حجم الاحتياطي النقدي والقضاء على السوق السوداء للعملة
وتسبب قرار تحرير سعر الصرف فى عهد عامر تراجعًا كبيرًا في قيمة الجنيه المصري مقابل العملات الأجنبية وعلى رأسها الدولار الذي صعد من 8.86 جنيهات إلى 13.5 جنيهًا في أول أيام "التعويم"، وواصل رحلة صعوده خلال شهر فقط ليتجاوز 18 جنيهًا، ثم تراجع خلال سنوات لأقل من 16 جنيهًا، ليعود ويتجاوز 19 جنيهًا في نهاية عهده، لكن الاحتياطي النقدي زاد آبان توليه المنصب من 16.3 مليار دولار إلى 33.3 مليار
في بداية أزمة جائحة فيروس كورونا شارك عامر مع الدولة في وضع العديد من التدابير لتخفيف التداعيات السلبية على الاقتصاد المصري وتجنبيه الوقوع في العديد من الأزمات التي طالت دول العالم واستقرار سوق الصرف، بالإضافة إلى محاولات الحفاظ على انخفاض معدلات التضخم
فيما ختارت صحيفة "جلوبل ماركت" الصادرة عن البنك المركزي وصندوق النقد الدولي، طارق عامر، كأفضل محافظ بنك مركزي في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا عام 2017، كما اختارته مجلة "غلوبال فاينانس" العالمية ضمن أفضل 20 محافظًا للبنوك المركزية في عام 2019 و2020 بفضل إدراته الناجحة في الحفاظ على استقرار العملة ومعدلات التضخم والإدارة الناجحة لأسعار الفائدة ومواجهة الركود الاقتصادي والقدرة على مواجهة الأزمات
الأزمة الأكبر تحديًا هي ما تواجه مصر حاليًا، جراء ارتفاع معدلات التضخم؛ تأثرا بالحرب الروسية الأوكرانية، لتتخذ لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي برئاسة عامر قرارين برفع أسعار الفائدة تماشيا مع سياسة الفيدرالي الأمريكي نحو تشديد السياسة النقدية لمجابهة ارتفاع معدلات التضخم
وقبل يوم واحد فقط من الاجتماع المرتقب الثالث للجنة السياسيات النقدية، أعلن الرئيس السيسي قبول استقالة عامر واعتذاره عن الاستمرار في منصبه موجهًا له الشكر على فترة عطائه وأصدر قرارًا بتعيينه مستشارًا لرئيس الجمهورية، ليرد عامر في أول تعليق له "طلبت الاعتذار من منصبي لإتاحة الفرصة للآخرين لاستكمال المسيرة التنموية الناجحة تحت قيادة رئيس الجمهورية".